فتح عمرو بن العاص مصر? وفتح أبو عبيدة بن الجراح وخالد بن الوليد الشام? وسعد بن أبي وقاص العراق? وقعت بين أيديهم أشهر مكاتب العالم في ذلك العصر? وأخصّ بالذكر مكتبة اسكندرية وقيصرية, وكان في هذه المكتبات عدد وفير من نسخ الكتاب المقدس والمؤلفات المسيحية القديمة, وما كان أيسر عليهم أن يحفظوا هذه المكتبات أو على الأقل الكتب المقدسة التي جاء القرآن مهيمناً عليها? وتكون لهم في مستقبل الايام حَكَماً يحكمون بها عما إذا كان ما يستحدث من النسخ محرفاً أو هي طبق الأصل, ولكنهم أحرقوها? أحرقوا التوراة والزبور والإنجيل التي قال القرآن إنها كلام الله وخبر إحراق هذه المكاتب ورد في تاريخ أبي الفرج ? وكشف الظنون ,
لو حفظ المسلمون نسخ الكتاب التي وقعت بين أيديهم لأمكنهم منع ا حتمال تحريفه في العصور الأخيرة? لكنهم لم يبالوا بوصية قرآنهم ولا قضوا حق هيمنته, أما المسيحيون فقد استحفظوا على ما وقع في أيديهم من هذه الكتب المقدسة القديمة التي كتبت قبل الهجرة بقرون عديدة وسلمت من أيدي المسلمين في الاسكندرية وغيرها, وهاكم هي اليوم محفوظة في مكتبة روما وبطرسبرج وباريس ولندن وغيرها من مكتبات أوروبا? ويمكن لسياح المسلمين ونزلائهم في أوروبا أن يزوروا هذه المكتبات ويتحروا حقيقة دعوانا? وقد أخذت صورة بعض النسخ القديمة ونشرت بين الناس لكي يراها من ليس في وسعه أن يزور هذه المكتبات من أهل الأقاليم القاصية الذين يهمهم الاطلاع عليها, ومن مقارنة هذه النسخ الأصلية القديمة بعضها على بعض حصلنا على النسخة اليونانية الأصلية للعهد الجديد والنسخة العبرانية للعهد القديم وهما مطابقتان للنسخ القديمة المتفرقة في العالم? ومن النسختين الأصليتين ترجمنا الكتاب المقدس إلى أكثر لغات العالم,
ومما سبق أقمنا الأدلة القاطعة على عدم تحريف الكتاب المقدس على الاطلاق? لا قبل عصر محمد ولا بعده? وأن العلماء المحققين من المسلمين السالفين والمتأخرين يوافقون على عدم التحريف, وقد أثبتنا أيضاً بطلان وقوع نَسُخ في الكتاب المقدس? لا في أخباره التي رواها ولا في مبادئه الأخلاقية ولا عقائده الدينية, وقد بيّنا أن الكتاب المقدس اليوم هو بعينه كتاب العصور الأولى المتقدمة على زمن محمد بمئات من السنين? وشهد له القرآن بأنه كلام الله وكتابه في أكثر من مائة وعشرين موضعاً? إلى أن قال إنه جاء مهيمناً عليه,
وعلى ما تقدم يجب على كل مسلم مؤمن بالقرآن إيماناً حقيقياً أن لا يدع روح التعصب الذميم يحول بينه وبين الاعتقاد بصحة الكتاب المقدس? واتخاذه لنفسه نوراً وهدى في سبيل الحياة - انظر سورة غافر 40 :53-56 - , وحتى تتوفق إلى الهداية به يجب أن تقرأه بانتباه? طالباً من الله بإخلاص واشتياق أن ينير ذهنك ويفتح قلبك لتفهم تعليمه وتهتدي إلى الصراط المستقيم? صراط الذين أنعم الله عليهم? غير المغضوب عليهم ولا الضالين - آمين,